فضائل سلمان الفارسي

كان سلمان من المعمرين . أدرك وصي عيسى ابن مريم عليه السلام، وعاش مائتين وخمسين سنة، ويقال أكثر.وتوفي بالمدائن في خلافة عثمان .وقيل مات سنة ثنتين وثلاث

فضائل سلمان الفارسي

فضائل سلمان الفارسي

عن أنس قال : قال رسول اللہ ﷺ : السباق أربعة، أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان الفارسي سابق فارس، وبلال سابق الحبشة .


وعن كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده أن رسول اللہ ﷺ خط الخندق وجعل لكل عشرة أربعين ذراعاً فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان وكان رجلاً قوياً

 فقال المهاجرون : سلمان الفارسي منا وقالت الأنصار : لا بل سلمان الفارسي منا . فقال رسول اللہ ﷺ سلمان منا أهل البيت .

وعن أبي حاتم عن العتبي قال : بعث إلي عمر بحلل فقسمها فأصاب كل رجل ثوب . ثم صعد المنبر وعليه حلة، والحلة ثوبان، 

فقال : أيها الناس ألا تسمعون؟ فقال سلمان : لا نسمع . فقال عمر: لم يا أبا عبد الله ؟ 

قال : إنك قسمت علينا ثوباً ثوباً وعليك حلة . فقال : لا تعجل يا أبا عبد الله . 

ثم نادى : يا عبد الله . فلم يجبه أحد فقال : يا عبد الله بن عمر. 

فقال : لبيك يا أمير المؤمنين . فقال : نشدتك الله . الثوب الذي ائتزرت به أهو ثوبك،؟ قال : اللهم نعم ، قال سلمان :  الآن نسمع . أخرجه الطبراني والحاكم

 غزارة علم سلمان الفارسي رضي الله عنه 

عن أبي جحيفة قال: آخی رسول اللہ ﷺ بین سلمان وأبي الدرداء. فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مبنذلة( أي رثة الثياب ). 

فقال لها : ما شأنك؟ فقالت : إن أخاك أبا الدرداء ليست له حاجة في الدنيا .

 قال : فلما جاء أبا الدرداء قرب طعاماً فقال . كل فإني صائم . قال : ما أنا بأكل حتى تأكل . 
قال : فأكل .

فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم . فقال له سلمان : نم، فنام . فلما كان من آخر الليل قال له سلمان : قم الآن. فقاما فصليا ،

 فقال : إن لنفسك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حقه . فأتيا النبي ﷺ فذكرا ذلك له فقال صـدق سلمان انفرد بإخـراجه البخاري

 وعن ثابت البناني : أن أبا الدرداء ذهب مع سلمان يخطب عليه امرأة من بني ليث . فدخل فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه، وذكر أنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة. 

فقالوا؟ أما سلمان فلا نزوجه ولكنا نزوجك . فتزوجها ثم خرج
 فقال له : إنه قد كان شيء وأنا أستحيي أن أذكره لك . قال : وما ذاك؟ فأخبره الخبر، فقال سلمان : أنا أحق أن أستحيي منك أن أخطبها وقد قضاها الله لك رضي الله عنهما . 

 نبذة من زهده 

عن الحسن قال : كان عطاء سلمان الفارسي خمسة آلاف، وكان أميراً على مايقرب من ثلاثين ألفاً من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، ويأكل من سفيف( أي ما ينسج من الخوص كالزنبيل ونحوه ) يديه .

 وعن عمار يعني الدهني قال كان عطاء سلمان الفارسي أربعة آلاف وكارة من ثياب، فيتصدق بها ويعمل الخوص .

وعن مالك بن أنس أن سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيثما دار، ولم يكن له بيت . فقال له رجل : ألا نبني لك بيتا تستظل به من الحر وتسكن فيه من البرد؟  رواه أحمد 

 كسبه وعمله بيده 

عن النعمان بن حميد قال: دخلت مع خالي على سلمان الفارسي بالمدائن وهو يعمل الخوص فسمعته يقول : أشتري خوصا بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم فأعيد درهماً فيه وأنفق درهماً على عيالي وأتصدق بدرهم، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عنه ما انتهيت .

وعن الحسن قال : كان سلمان يأكل من سفيف يده . 

 نبذة من ورعه 

عن أبي ليلى الكندي قال: قال غلام سلمان لسلمان : كاتبني . قال : ألك شيء؟ قال : لا . قال : فمن أين؟ قال : أسأل الناس . قال : تريد أن تطعمني غسالة الناس .

  نبذة من تواضعه 

وعن عمر بن أبي قرة الكندي قال: عرض أبي على سلمان الفارسي أخته أن يزوجه فأبى، فتزوج مولاة يقال لها بقيرة . فأتاه أبو قرة فأخبر أنه في مبقلة له، فتوجه إليه فلقيه معه زنبيل فيه بقل قد أدخل عصاه في عروة الزنبيل وهو على عاتقه .

 وعن أبي الأسود الدؤلي قال : كنا عند علي ذات يوم فقالوا يا أمير المؤمنين حدثنا عن سلمان الفارسي قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ ذلك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، أدرك العلم الأول والعلم الآخـر وقرأ الكتاب الأول والآخر، وبحـر لا ينزف، وأوصى معاذ بن جبل رجلا أن يطلب العلم من أربعة سلمان أحدهم .

 نبذة من كلامه ومواعظه 

عن حفص بن عمرو السعدي عن عمه قال : قال سلمان الفارسي لحذيفة : يا أخا بني عبس العلم كثير والعمر قصير، فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك ودع ماسواه فلا تعانه .

وعن أبي سعيد الوهبي عن سلمان الفارسي قال: إنما مثل المؤمن في الدنيا كمثـل المريض معه طبيبه الذي يعلم داءه ودواءه فإذا اشتهى ما يضره منعه وقال لا تقربه فإنك إن أتيته أهلكك .

 فلا يزال يمنعه حتى يبرأ من وجعه . 

وكذلك المؤمن يشتهي أشياء كثيرة مما قد فضل به غيره من العيش فيمنعه الله عز وجل إياه ويحجزه حتى يتوفاه فيدخله الجنة . سبحان الله ...

وعن جرير قال : قال سلمان الفارسي : يا جرير تواضع لله عز وجل فإنه من تواضع لله عز وجل في الدنيا رفعه الله القيامة .

 يا جرير هل تدري ما الظلمات القيامة؟ قلت : لا . قال : ظلم الناس بينهم في الدنيا. 

قال ثم أخذ عويداً لا أكاد أراه بين إصبعيه . 
قال : يا جرير لو طلبت في الجنة مثل هذا العود لم تجده ، قال : قلت يا أبا عبد الله فأين النخل والشجر؟ 
قال : أصولها اللؤلؤ والذهب، وأعلاها الثمر. 

عن الشعبي قال : حدثني الجزل عن امرأة سلمان الفارسي، بقيرة ، قالت : لما حضـر سلمان الموت دعاني وهو في عليةٍ لها أربعة أبواب ،

فقال : افتحي هذه الأبواب يا بقيرة فإن لي اليوم زواراً لا أدري من أي هذه الأبواب يدخلون علي ، ثم دعا بمسك له ثم قال لها : اديفيه في تور(هو الاناء الصغير): ففعلت ،

 ثم قال انضحيه حول فراشي ثم انزلي فامكثي فسوف تطلعين فتريني على فراشي . فاطلعت فإذا قد أخذ روحه كأنه نائم على فراشه ، أو نحو هذا .

قال أهل العلم بالسير : كان سلمان من المعمرين . أدرك وصي عيسى ابن مريم عليه السلام، وعاش مائتين وخمسين سنة، ويقال أكثر. وتوفي بالمدائن في خلافة عثمان . وقيل مات سنة ثنتين وثلاثين . . قال أبو بكر بن أبي داود : لسلمان ثلاث بنات، بنت بأصبهان وبنتان بمصر.

كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي

إرسال تعليق

نشرف بتعليقاتكم
حقوق النشر © كلمات مضيئة جميع الحقوق محفوظة
x